ميسي أكبر الخاسرين
عقب تضاءل آمال برشلونة في الفوز ببطولة الدوري الإسباني لكرة القدم للموسم الحالي (2006-2007)، بتعادله مع جاره إسبانيول 2-2 السبت، واستمرار ريال مدريد على الصدارة بفارق المواجهات بينهما، تبقى الذكريات بحلوها ومرها عالقة في أذهان المتابعين.
وفي هاتين المباراتين على وجه الخصوص، وقعت عدة أحداث أهمها على الإطلاق هدف الأرجنتيني ليونيل ميسي نجم خط وسط برشلونة، الذي أحرزه بيده.
فميسي الذي يتذكر له الجمهور أهدافه الجميلة وخاصة هدفه الرائع في مرمى خيتافي في كأس ملك إسبانيا، سيتذكره الجميع بعد ذلك بالهدف "غير الشرعي" الذي أحرزه بيده في نسخة طبق الأصل من هدف مواطنه ومثله دييغو مارادونا في مرمى إنكلترا عام 1986 في المكسيك.
فقد تحول "الوجه البريء" فجأة إلى آخر غير بريء، بسبب هذا الهدف، حتى أن الجدل لا يزال محتدماً في الصحافة الرياضية لاسيما الإسبانية منها، فصحافة مدريد رأت أنه كان ينبغي على اللاعب التحلي بالقيم والأخلاق الرياضية، ويعترف للحكم بعدم صحة الهدف، وهو نفس ما ذهبت إليه وسائل الإعلام المحايدة، وكان عليه أن يتذكر فوزه بجائزة "الولد الذهبي" من مجلة "توتو سبورت" الإيطالية عام 2005، التي نالها بسبب أخلاقه العالية وأدائه الرفيع في المباريات التي شارك فيها آنذاك.
وبدورنا نؤكد أنه كان يجب على اللاعب أن يتذكر كذلك، ما حدث في منتصف الثمانينات في بلغاريا، وتحديداً عام 1985 عندما احتج لاعبو ليفسكي على هدف دخل في مرمامهم من خارج خط التماس، في مباراة الكلاسيكو البلغارية ضد سيسكا، وعلى الفور ذهب اللاعب صاحب إحراز الهدف إلى الحكم، وأبلغه بالفعل أن زميله مرر له الكرة من خارج الملعب، فما كان من حكم المباراة إلا أن ألغى الهدف.
أما الصحافة الكاتالونية الميالة إلى فريق برشلونة فقد تناست بالطبع الهدف، وبالتالي لم تدافع عن نجمها المدلل، بعد انشغالها بالبحث عن "المعجزة" التي يمكن أن تحول مسار الليغا من مدريد إلى برشلونة في المواجهة الأخيرة من عمر الدوري.
وبات ميسي وحده أكبر الخاسرين، إذ فقد صورته "الجميلة والبريئة" التي طالما رسمتها وسائل الإعلام عنه، كما بات ضياع اللقب من فريقه وشيكاً للغاية، ما لم تحدث المعجزة التي ينتظرونها، بسقوط ريال مدريد على ملعبه "سانتياغو بيرنابيو" أمام ضيفه ريال مايوركا، وهو احتمال صعب للغاية في ظل تمسك مدرب الفريق الملكي الإيطالي فابيو كابيلو ولاعبيه بهذه الفرصة الذهبية لانتزاع اللقب الغائب منذ عام 2003-2004 .
وكان ميسي قد ارتقى عالياً لوضع الكرة العرضية التي أرسلها جيانلوكا زامبروتا من جهة اليمين برأسه، لكنه لم يصل إليها في الوقت المناسب فاستعان بيده اليسرى ليضعها داخل مرمى الكاميروني كارلوس كاميني حارس إسبانيول مُحرزاً هدف التعادل لفريقه في الدقيقة 31، ثم عاد وكرر نفس سيناريو مارادونا في مباراة إنكلترا الشهيرة، عندما نجح في إحراز هدف ثان جميل، وهو ما فعله مارادونا أيضاً بهدفه التاريخي في مرمى الإنكليز.
ميسي يرفض الاعتذار
وعلى الرغم مما ارتكبه اللاعب الأرجنتيني في المباراة بإحرازه هدفاً "غير شرعي"، كان الجميع ينتظر منه تدارك خطأه ولو باعتذار في مؤتمره الصحفي الذي عقده في اليوم التالي للمباراة، مثلما فعل مثله الأعلى مارادونا، لكن ميسي ذهب إلى أبعد ما يمكن أن يتخيله المتشائمون، فقد اعتبر أن الهدف الذي أحرزه بيده مثل أي هدف آخر، مُضيفاً "المهم أن الهدف منحنا نقطة التعادل".
ولم يتوقف ميسي عن أخطائه المتكررة في الملعب وفي المؤتمر الصحفي، فراح يشجع مجلس إدارة ناديه على منح "مكافآت مالية" لفريق ريال مايوركا ليتمكن من الفوز على ريال مدريد، ومن ثم فتح الطريق لبرشلونة نحو الاحتفاظ باللقب، وتمادى ميسي في القول " إذا دعت الضرورة لتقديم حوافز لريال مايوركا فلا أرى أي مشكلة في أن يدفع برشلونة هذه الأموال لمايوركا. المهم تقديم أي شيء يساعدهم على الاحتفاظ بالنقاط الثلاث في مباراتهم أمام ريال مدريد في بيرنابيو".
وربما كانت اللفتة الوحيدة الطيبة من ميسي في مؤتمره الصحفي، عندما أجاب على أحد أسئلة الصحفيين "هل تريد إحراز المزيد من هذه الأهداف مستقبلاً" – في إشارة للأهداف باليد-، فرد ميسي "لا أريد تسجيل مثل هذه الأهداف".
لكن يبقى أن نُشير إلى أنه رغم الحزن الذي طغى على أنصار برشلونة عقب تعادلهم، وعلى ميسي بصفة خاصة، فإن اللاعب الأرجنتيني يدين بالفضل كذلك لتامودو إذ أن فوز برشلونة بهذه المباراة بالهدف غير الصحيح كان سيؤدي إلى أزمات كبيرة، وجدل أكبر كلها كانت ستصب ضد ميسي، حتى لو فاز فريقه باللقب.
الآمال على لوبيز!
وبعيداًً عن ميسي وما اقترفه من أخطاء، تسود في أوساط برشلونة هذه الأيام أمنيات ومطالب مُعلنة من ماكسي لوبيز لاعب الفريق السابق ولاعب ريال مايوركا الحالي بالعمل بأقصى ما لديه ورفاقه في مباراتهم ضد ريال مدريد من أجل عرقلة المتصدر، ومن ثم تتويج برشلونة باللقب في حال فوزه على جمناستيك.
ولا تأتي آمال الكتالونيين على لوبيز من فراغ، فالحديث دائر عن دور اللاعب نفسه قبل ذلك في إسقاط إشبيليه على ملعبه وبين جماهيره، ويرى أتباع البارشا أن اللاعب لا يزال يعشق برشلونة.
ومثلما دان ريال مدريد بالفضل للاعب إسبانيول راؤول تامودو في الحفاظ على حظوظ فريق العاصمة في الفوز باللقب، بعد هدفه في الوقت القاتل في مرمى برشلونة، يتمنى عشاق البارشا من لوبيز أن يحقق لهم المعجزة، ليعلق الهولندي فرانك ريكارد المدير الفني لبرشلونة ولاعبيه آمالهم على أنفسهم في ضرورة الفوز على جمناستيك، شريطة حدوث المعجزة من ريال مايوركا في مباراتهم ضد ريال مدريد، ليتمكن ابناء كاتالونيا وقتها من الاحتفال ببطولة غالية يعتبر الكثيرون أن الريال هو الأحق بها.